الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه قال: كان يعقوب عليه السلام نازلا بالشام، وكان ليس له هم إلا يوسف وأخوه بنيامين، فحسده إخوته مما رأوا من حب أبيه له. ورأى يوسف عليه السلام في النوم رؤيا أن أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له، فحدث أباه بها فقال له يعقوب عليه السلام: {يابني، لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا} فبلغ إخوة يوسف الرؤيا فحسدوه، فقالوا فلما أجمعوا أمرهم على ذلك أتوا أباهم فقالوا له فلما برزوا إلى البرية أظهروا له العداوة فجعل يضربه أحدهم فيستغيث بالآخر فيضربه، فجعل لا يرى منهم رحيما، فضربوه حتى كادوا يقتلونه، فجعل يصيح ويقول: يا أبتاه، يا يعقوب، لو تعلم ما صنع بابنك بنو الإماء. فلما كادوا يقتلونه قال يهوذا: أليس قد أعطيتموني موثقا أن لا تقتلوه؟... فانطلقوا به إلى الجب ليطرحوه فيه، فجعلوا يدلونه في البئر، فيتعلق بشفير البئر، فربطوا يديه ونزعوا قميصه، فقال: يا إخوتاه، ردوا علي قميصي أتوارى به في الجب. فقالوا له: أدع الأحد عشر كوكبا والشمس والقمر يؤنسوك. قال: فإني لم أر شيئا. فدلوه في البئر حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إرادة أن يموت، فكان في البئر ماء، فسقط فيه فلم يضره، ثم أوى إلى صخرة في البئر فقام عليها، فجعل يبكي فناداه إخوته، فظن أنها رقة أدركتهم فأجابهم، فأرادوا أن يرضخوه بصخرة، فقام يهوذا فمنعهم وقال: قد أعطيتموني موثقا أن لا تقتلوه، فكان يهوذا يأتيه بالطعام. ثم إنهم رجعوا إلى أبيهم فأخذوا جديا من الغنم فذبحوه ونضحوا دمه على القميص، ثم أقبلوا إلى أبيهم عشاء يبكون، فلما سمع أصواتهم فزع وقال: يا بني، ما لكم؟ هل أصابكم في غنمكم شيء؟! ...قالوا: لا. قال: فما فعل يوسف: وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه فتعلق يوسف عليه السلام بالحبل، فخرج، فلما رآه صاحب الدلو، دعا رجلا من أصحابه يقال له بشراي فقال: يا بشراي، هذا غلام. فسمع به إخوة يوسف عليه السلام فجاؤوا فقالوا: هذا عبد لنا آبق، ورطنوا له بلسانهم فقالوا: لئن أنكرت أنك عبد لنا لنقتلنك، أترانا نرجع بك إلى يعقوب عليه السلام، وقد أخبرناه أن الذئب قد أكلك؟... قال: يا إخوتاه، ارجعوا بي إلى أبي يعقوب، فأنا أضمن لكم رضاه ولا أذكر لكم هذا أبدا. فأبوا، فقال الغلام: أنا عبد لهم. فلما اشتراه الرجلان فرقا من الرفقة أن يقولا اشتريناه، فيسألونهما الشركة فيه، فقالا: نقول إن سألونا ما هذا؟ نقول هذه بضاعة استبضعناها من البئر. فذلك قوله فانطلقوا به إلى مصر فاشتراه العزيز - ملك مصر - فانطلق به إلى بيته فقال لامرأته فلم تزل به حتى أطمعها، فهمت به وهم بها، فدخلا البيت فربط سراويله وذهب ليخرج، فأدركته فأخذت بمؤخر قميصه من خلفه فخرقته حتى أخرجته منه وسقط وطرحه يوسف، واشتد نحو الباب، وألفيا سيدها جالسا عند الباب هو وابن عم المرأة، فلما رأته المرأة {قالت: ما جزاء من أراد بأهلك سوءا؟ إلا أن يسجن، أو عذاب أليم} إنه راودني عن نفسي فدفعته عني فشققت قميصه. فقال يوسف: لا بل هي راودتني عن نفسي، فأبيت وفررت منها فأدركتني فأخذت بقميصي فشقته علي. فقال ابن عمها: في القميص تبيان الأمر، انظروا إن كان القميص قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين، وإن كان قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين، فلما أتي بالقميص وجده قد قد من دبر، فقال قال يوسف فلما دخل يوسف عليه السلام السجن قال: إني أعبر الأحلام. قال أحد الفتيين: هلم فلنجرب هذا العبد العبراني، فتراءيا من غير أن يكونا رأيا شيئا، ولكنهما خرصا فعبر لهما يوسف خرصهما فقال الساقي: رأيتني أعصر خمرا. وقال الخباز: رأيتني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه. قال يوسف عليه السلام: لا يأتيكما طعام ترزقانه في النوم إلا نبأتكما بتأويله في اليقظة، ثم قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: لم يكن السجن في المدينة، فانطلق الساقي إلى يوسف عليه السلام فقال قال السدي: قال ابن عباس رضي الله عنهما: لو خرج يوسف يومئذ قبل أن يعلم الملك بشأنه، ما زالت في نفس العزيز منه حاجة، يقول هذا الذي راود امرأته. قال الملك ائتوني بهن، {قال: ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه؟ قلن حاشا لله، ما علمنا عليه من سوء}، ولكن امرأة العزيز أخبرتنا أنها راودته عن نفسه ودخل معها البيت وحل سراويله ثم شده بعد ذلك، ولا تدري ما بدا له. فقالت امرأة العزيز فقالت امرأة العزيز: يا يوسف، ولا حين حللت السراويل؟ قال يوسف عليه السلام: قالوا: إنا أخوة بنو رجل صديق، وإنا كنا اثني عشر فكان يحب أخا لنا وإنه ذهب معنا إلى البرية فهلك منا وكان أحبنا إلى أبينا. قال: فإلى من يسكن أبوكم بعده؟... قالوا إلى أخ له أصغر منه. قال: كيف تحدثوني أن أباكم صديق وهو يحب الصغير منكم دون الكبير، ائتوني بأخيكم هذا حتى أنظر إليه فلما رجع القوم إلى أبيهم كلموه فقالوا: يا أبانا، إن ملك مصر أكرمنا كرامة لو كان رجلا منا من بني يعقوب ما أكرمنا كرامته، وإنه ارتهن شمعون وقال: ائتوني بأخيكم هذا الذي عطف عليه أبوكم بعد أخيكم الذي هلك حتى أنظر إليه، فإن لم تأتوني به فلا تقربوا بلادي أبدا. فقال لهم يعقوب عليه السلام: إذا أتيتم ملك مصر فأقرؤوه مني السلام وقولوا: إن أبانا يصلي عليك ويدعو لك بما أوليتنا، ولما فتحوا رحالهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم، أتوا أباهم ورهب عليهم أن يصيبهم العين إن دخلوا مصر فيقال هؤلاء لرجل واحد، قال: (يتبع...) (تابع... 1): الآيات 8 - 9... ... فلما سمعها بنيامين قام فسجد ليوسف وقال: أيها الملك، سل صواعك هذا، أحي أخي ذاك أم لا؟ فنقرها يوسف ثم قال: نعم هو حي، وسوف تراه. قال: اصنع بي ما شئت، فإنه أعلم بي. فدخل يوسف عليه السلام فبكى ثم توضأ، ثم خرج. فقال بنيامين: أيها الملك، إني أراك تضرب بصواعك الحق، فسله من صاحبه؟ فنقر فيه ثم قال: إن صواعي هذا غضبان، يقول: كيف تسألني من صاحبي وقد رأيت مع من كنت، وكان بنو يعقوب إذا غضبوا لم يطاقوا، فغضب روبيل فقام فقال: أيها الملك، والله لتتركنا أو لأصيحن صيحة لا تبقى امرأة حامل بمصر إلا طرحت ما في بطنها، وقامت كل شعرة من جسد روبيل، فخرجت من ثيابه، فقال يوسف لابنه مرة: مر إلى جنب روبيل فمسه فمسه فذهب غضبه، فقال روبيل: من هذا؟!...إن في هذه البلاد لبزرا من بزر يعقوب. قال يوسف عليه السلام: ومن يعقوب؟ فغضب روبيل فقال: أيها الملك، لا تذكرن يعقوب، فإنه بشرى لله ابن ذبيح الله ابن خليل الله، فقال يوسف عليه السلام: أنت إذا كنت صادقا، فإذا أتيتم أباكم فاقرؤوا عليه مني السلام وقولوا له: إن ملك مصر يدعو لك أن لا تموت حتى ترى ابنك يوسف، حتى يعلم أبوكم أن في الأرض صديقين مثله. فلما أيسوا منه وأخرج لهم شمعون وكان قد ارتهنه، خلوا بينهم نجيا يتناجون بينهم، قال كبيرهم - وهو روبيل ولم يكن بأكبرهم سنا ولكن كان كبيرهم في العلم - : قال: أتى يوسف جبريل عليه السلام وهو في السجن فسلم عليه وجاءه في صورة رجل حسن الوجه طيب الريح نقي الثياب فقال له يوسف: أيها الملك الحسن الوجه الكريم على ربه، الطيب ريحه، حدثني كيف يعقوب؟ قال حزن عليك حزنا شديدا. قال فما بلغ من حزنه، قال حزن سبعين مثكلة. قال فما بلغ من أجره قال أجر سبعين شهيدا. قال يوسف عليه السلام: فإلى من أوى بعدي؟ قال إلى أخيك بينامين. قال فتراني ألقاه؟ قال نعم. فبكى يوسف عليه السلام لما لقي أبوه بعده ثم قال: ما أبالي بما لقيت إن الله أرانيه. قال: فلما أخبروه بدعاء الملك أحست نفس يعقوب وقال: ما يكون في الأرض صديق إلا ابني فطمع وقال: لعله يوسف. قال: قال لهم يوسف - ورحمهم عند ذلك - : ثم قال ما فعل أبي بعدي؟ قالوا عمي من الحزن. {فقال اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا، وأتوني بأهلكم أجمعين}. فقال يهوذا أنا ذهبت بالقميص إلى يعقوب عليه السلام وهو متلطخ بالدماء وقلت: إن يوسف قد أكله الذئب، وأنا أذهب بالقميص وأخبره أن يوسف عليه السلام حي فأفرحه كما أحزنته. فهو كان البشير. فلما ثم حملوا أهلهم وعيالهم فلما بلغوا مصر كلم يوسف عليه السلام الملك الذي فوقه، فخرج هو والملك يتلقونهم فلما لقيهم قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما هذا أول نبي سأل الله الموت وأخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم مفرقا في السورة. وأخرج ابن جرير ثنا وكيع ثنا عمرو بن محمد العبقري عن أسباط عن السدي وقال ابن أبي حاتم حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ثنا الحسين بن علي ثنا عامر بن الفرات عن أسباط عن السدي به. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله في قوله وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ونحن عصبة} قال: العصبة الجماعة. وفي قوله أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ان عباس رضي الله عنهما في قوله وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه، قال: الجب البئر. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال: الجب الذي جعل فيه يوسف عليه السلام بحذاء طبرية، بينه وبينها أميال. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ "تلتقطه بعض السيارة" بالتاء. أخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي قاسم رضي الله عنه قال: قرأ أبو رزين"ما لك لا تتمنا على يوسف" قال له عبيد بن نضلة لحنت قال: ما لحن من قرأ بلغة قومه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله "أرسله معنا غدا نرتع ونلعب" قال: نسعى وننشط ونلهو. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن هرون رضي الله عنه قال: كان أبو عمرو يقرأ {نرتع ونلعب} بالنون فقلت لأبي عمرو: كيف يقولون: نرتع ونلعب وهم أنبياء؟!.. قال: لم يكونوا يومئذ أنبياء. وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه أنه قرأ {يرتع} بالياء وكسر العين. قال يرعى غنمه ينظر ويعقل، ويعرف ما يعرف الرجل. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن مجاهد رضي الله عنه أنه قرأ {نرتع} بالنون وكسر العين. قال يحفظ بعضنا بعضا، نتكالأ، نتحارس. وأخرج أبو الشيخ عن الحكم بن عمر الرعيني قال: بعثني خالد القسري إلى قتادة أسأله عن قوله "نرتع ونلعب" فقال قتادة رضي الله عنه لا "نرتع ونلعب" بكسر العين. ثم قال: الناس لا يرتعون إنما ترتع الغنم. وأخرج أبو الشيخ عن مقاتل بن حيان رضي الله عنه. أنه كان يقرؤوها "أرسله معنا غدا نلهو ونلعب". وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن الأعرج رضي الله عنه. أنه قرأ "نرتعي" بالنون والياء {ويلعب} بالياء.
|